سورة يونس - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)}
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} الشأن الأمر، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد هو وجميع الخلق، ولذلك قال في آخرها: وما تعملون من عمل بمخاطبة الجماعة، ومعنى الآية: إحاطة علم الله بكل شيء {وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ} الضمير عائد على القرآن وإن لم يتقدم ذكره لدلالة ما بعده عليه، كأنه قال: ما تتلو شيئاً من القرآن، وقيل: يعود على الشأن، والأول أرجح، لأن الاضمار قبل الذكر تفخيم للشيء {إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} يقال: أفاض الرجل في الأمر إذا أخذ فيه بجدّ {وَمَا يَعْزُبُ} ما يغيب {مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ} وزنها والذرة صغار النمل، قال الزمخشري: إن قلت لم قدمت الأرض على السماء بخلاف سورة سبأ؟ فالجواب: أن السماء تقدمت في سبأ لأن حقها التقديم، وقدمت الأرض هنا لما ذكرت الشهادة على أهل الأرض {وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك ولا أَكْبَرَ} من قرأهما بالفتح فهو عطف على لفظ مثقال، ومن قرأهما بالرفع فهو عطف على موضعه أو رفع بالابتداء.


{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)}
{أَوْلِيَآءَ الله} اختلف الناس في معنى الولي اختلافاً كثيراً، والحق فيه ما فسره الله بعد هذا بقوله: {الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}، فمن جمع بين الإيمان والتقوى فهو الولي، وإعراب {الذين آمَنُواْ} صفة للأولياء، أو منصوب على التخصيص، أو مرفوع بإضمار: هم الذين ولا يكون ابتداء مستأنفاً لئلا ينقطع مما قبله {لَهُمُ البشرى فِي الحياوة الدنيا وَفِي الآخرة} أما بشرى الآخرة فهي الجنة اتفاقاً، وأما بشرى الدنيا فيه الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: محبة الناس للرجل الصالح، وقيل: ما بشّر به في القرآن من الثواب {لاَ تَبْدِيلَ لكلمات الله} أي لا تغيير لأقواله ولا خُلْفَ لمواعيده، وقد استدل ابن عمر على أن القرآن لا يقدر أحد أن يبدله.


{وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66)}
{وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} يعني ما يقوله الكفار من التكذيب {إِنَّ العزة للَّهِ} إخبارٌ في ضمنه وعدٌ للنبي صلى الله عليه وسلم بالنصر، وتسلية له {وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} فيها وجهان: أحدهما أن تكون ما نافية وأوجبت بقوله: إلا الظن: وكرر إن يتبعون توكيداً، والمعنى ما يتبع الكفار إلا الظن، والوجه الثاني: أن تكون ما استفهامية، ويتم الكلام عند قوله شركاء، والمعنى أي شيء يتبعون على وجه التحقير لما يتبعونه، ثم ابتدأ الإخبار بقوله إن يتبعون إلا الظن، والعامل في شركاء على الوجهين يدعون.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13